كي نقرب الصورة وقبل الخوض في السؤال الوارد أعلاه، نلتفت الى المثل التالي
مع تطور الإعلام المرئي سواء عبر التلفزيون أو الفضائيات أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي وبعد بدء استخدام هذه الوسائل لبث كل ما ينتجه المجتمع البشري ودون استثناء، لجأت الجهات الناظمة سواء الدول أو الشركات الى اعتماد أساليب تحديد وتقنين البث بحيث لا تصل بعض المواد المعروضة والتي تحوي رعباً أو جانباً جنسياً الى من هم قاصرين وبأعمار معينة وحتى لا ترتبك حياتهم.
ونحمل من هذا المثل معاني “التقنين” و “القاصر” و “الإرباك” لنستفيد منها في ما يأتي من الطرح.
وهنا ننطلق من المقولة الواردة في العنوان لنرد على قائلها ونسأل…
هل تنظرون الى الساحة الإسلامية نظرة المتعالي الذي يعتبر أن المجتمع بأكمله قاصر الوعي والمعرفة وبالتالي أنتم لا تريدون لكل الأمور أن تكون على بساط بحثه بحجة أن طرح بعض الأمور يربك الساحة وبالتالي تعتبرون أنه من الأفضل أن يبقى الأعمى على عماه حتى لا يكتشف الحقيقة فيسعى الى التغيير!؟
من يقدم هكذا طرح من على المنبر خاصة وإن كان معمماً ويقف في مقدمة مسيرة الوعي، لا بد له من أن يتمتع برحابة الصدر حتى يكون النقاش ونصل سوياً الى الفكرة الأصلح والأكثر قبولاً. خاصة وأن هكذا فكر لم يبق أسير المنابر بل تحرك وأنتج حالات كبت حريات وإسكات أصوات ورفع بعض لا يستحق على حساب من هم أب للوعي وللخط وللنهج!
وبثلثي عقل وثلث عاطفة وود نرد ونقول، مقولتكم أيها السادة خاطئة.
أولاً إن تقنين الوعي والحقيقة في ساحة تُضخ فيها النفايات الفكرية على مدار الساعة وبكميات هائلة من الكذب والخرافة والغلو هو جريمة بحق الوعي وأئمته وبحق المجتمع ككل. لا بل هو يعبر عن أنانية لن ترتضيها الناس من رجل الدين كما أنها لا ترتضيها من رجل السياسة!
ثانياً إن اعتبار المجتمع قاصراً وبالتالي أن تعتمد مبدأ تنميق الكلام فتقول بعضا وتلون بعضا وتخفي بعضاً آخر مداراة لهذا وذاك ولحفظ بعض المصالح فهو نهج تقية ان لم نقل شيئاً آخر سرعان ما يكتشفه الناس. لا بل ومع كم الوعي الذي أنتجته ساحات التواصل الإجتماعي فإنك ستجد أن الناس باتت ترفض هذا الخطاب الديني المتملق وتهجره. حتى باتت كلمة حق على لسان مطرب تصنع ثورة في مقابل خطبة عالم علّامة في مسجد لا تحصد أكثر من عشرة متابعين!
ثالثاً وأخيراً وبالنظر الى نظرية إرباك الساحة وإدعاء حمايتها مما يربكها، فإن ذلك في نظرنا إدعاء مردود. أولاً لأن الساحة مكتملة الإرباك أصلاً حتى أن كلمة لفنانة في دار فسق تحدث هزة وردات فعل في المجتمع. ولأنه وبرأينا هو الوعي والحقيقة والمزيد من المعرفة هم ما يسهم في فك عقد وارتباكات هذا المجتمع وما يعيد له أمنه وسلامه سواء الديني والسياسي والإقتصادي وغيره
وكي لا يكون الصراع داخلياً فهذه دعوة، بثلثي عاطفة وثلث عقل ولو لمرة، نوجهها لأصحاب الرأي حتى يكون كل أبناء مدرسة الوعي لساناً واحداً وصفاً واحداً في إعادة إحياء النهج وتوحيد الجهد حتى نعمل جميعاً على طرح الحقيقة كاملة في الساحة وعلى الملأ ونعمل على الدفاع عنها باذلين في سبيلها الغالي والنفيس… وحتماً يعود معها الوهج وتنطلق المدرسة مجدداً بأفكار جديدة ودم جديد يؤصل ما سبق ويشق طرقاً جديدة لما هو آت.
والحمد لله رب العالمين
#يا_وعي_أدركنا
ساحة الوعي – ١٩ كانون الثاني ٢٠١٩
بقلم إدارة موقع سماحة العلامة الشيخ ياسر عودة – YasserAwde.com